الرسول
صلى الله عليه وسلم
في
مكة أطهر بقاع الأرض أضاء الكون لـميلاد
النبي خاتم النبيين، حيث
وُلد يتيمًا في عام الفيل، وماتت أمه في سنٍّ مبكرة؛ فربَّاه جدُّه عبد المطلب ثم
عمُّه أبو طالب، وكان يرعى الغنم ويعمل في التجارة خلال سنوات شبابه، حتى تزوج من
خديجة بنت خويلد
في سن الخامس والعشرين، وأنجب منها كلَّ أولاده باستثناء إبراهيم.
وفي سنِّ الأربعين نزل عليه الوحي بالرسالة، فدعا إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك،
وكانت دعوته سرِّيَّة لثلاث سنوات، تبعهنَّ عشرٌ أُخَر يُجاهر بها في كل مكان، ثم
كانت الهجرة إلى
المدينة المنوَّرة بعد شدة
بأسٍ من رجال قريش وتعذيبٍ للمسلمين، فأسَّس بها دولة الإسلام، وعاش بها عشر سنوات،
تخلَّلها كثيرٌ من مواجهات الكفار والمسلمين التي عُرِفَت بـالغزوات،
وكانت حياته نواة الحضارة
الإسلامية، التي توسعت في بقعةٍ جغرافيَّةٍ كبيرة على يد
الخلفاء الراشدين من بعده.
ملخص المقال
الحضارة المصرية تدهورت أوضاعها قبل الإسلام اقتصاديا وعلميا واجتماعيا نتيجة التبعية السياسية للرومان والاضطهاد الديني
كانت مصر دائمًا محطَّ الأنظار، ومطمَع الأعداء، وقائدة النهضة في كل مكان، وقدَّر الله لها أن تحمل مشعَل العلم والحضارة على مرِّ العصور، إلا أنها قبل الإسلام تبدلت حالتها جذريًا على أيدي الرومان.
الاحتلال الروماني لمصر
كانت مصر محتلةً من الرومان منذ هزيمة كليوباترا على يد أوكتافيوس سنة 31 قبل الميلاد، وعندما سقطت الدولة الرومانية الغربية سنة 476 ميلادية (أي قبل ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم بحوالي مائة عام) آلَت أملاك الدولة الرومانية الغربية -ومنها مصر- إلى الدولة الرومانية الشرقية.
وهكذا تحولَّت مصر في عهود الرومان إلى مخزن يمدُّ الإمبراطورية الرومانية باحتياجاتها من الغذاء، وفقد المصريون السلطة بكاملها في بلادهم، وإن كان الرومان قد حرصوا على أن يتركوا بعض الرموز المصرية كصورة فقط؛ وذلك لتجنُّب ثورة الشعب.
وتمَّ فرض الضرائب الباهظة جدًّا بمختلف أنواعها على الشعب المعدم، حتى تجاوزت الضرائب الأحياء -في سابقة تاريخية- إلى الأموات، فلم يكن يُسمح بدفن الميت إلا بعد دفع ضريبة معينة! وتتبع الرومان قادة الأقباط المصريين بالقتل والتعذيب، حتى اضطروهم إلى الهرب إلى الصحراء، وإقامة أماكن عبادتهم في مناطق نائية أو مهجورة؛ وذلك حفاظًا على حياة مَنْ تبقى منهم [1].
الحالة الدينية في مصر
وعلى صعيد الحالة الدينية فقد بدأت المسيحية في الانتشار والتغلغل داخل المجتمع المصري منذ عهد الإمبراطور الروماني نيرون، وذلك على يد القديس مرقس، لكن المصريين المسيحيين -وهم أقلية في مجتمع الدولة الرومانية الكبير- كانوا يُعَامَلون بقسوة شديدة من قِبَلِ الرومان المخالفين لهم في العقيدة، شأنهم في ذلك شأن بقية المسيحيين في الأقاليم الأخرى.
ولكن أعظم ابتلاءٍ وأشدَّ تنكيلٍ نزل بمسيحيي مصر كان على يد الإمبراطور دقلديانوس الذي تولَّى عرش الإمبراطورية الرومانية عام 284م، فقد طالبَ المصريين أن يضعوه موضع الألوهية؛ ليضمن حياته واستمرارية ملكه، بَيْد أن مسيحيي مصر قاوموه مقاومة كبيرة، فاضطهدهم وعذَّبهم، وأمر بهدم جميع الكنائس وتسويتها بالأرض، وإعدام كل مَنْ يشارك في اجتماعات دينية، ومصادرة كل أملاك المسيحيين وكنائسهم، مع الحرمان من كافَّة الحقوق الوطنية، والطرد من الوظائف الحكومية، وحرق كل الكتب المقدَّسة، هذا فضلاً عن القبض على الآلاف، والتنكيل والتعذيب حتى الموت[2].
وقد ترك عصر دقلديانوس أثرًا كبيرًا في نفوس الأقباط، حتى إنهم سمَّوْه بعصر الشهداء، وجعلوا مبدأ تقويم هذا العصر (سنة 284م)؛ يحسبون منه السنين والأيام، وقد بقي المسيحيون في اضطهاد وتعذيب حتى تولَّى الإمبراطور قسطنطين حُكْم الدولة، الذي جعل النصرانية الديانة الرسمية للدولة وذلك في عام 313م، إثر إصدار مرسوم ميلانو[3].
فماذا كان الرومان من الغربيين ثمّ الشرقيين يفعلون في أهل مصر؟
- تحولت مصر إلى مخزن يُمد الإمبراطورية الرومانية باحتياجاتها من الغذاء.
- حدث تدهور شديد في مصر اقتصاديًّا وعلميًّا واجتماعيًّا.
- فقد المصريون السلطة بكاملها في بلادهم، وإن كان الرومان قد حرصوا على أن يتركوا بعض الرموز المصرية كصورة فقط، وذلك لتجنب ثورة الشعب.
- تمّ فرض الضرائب الباهظة جدًّا بمختلف أنواعها على الشعب المعدم فمنها:
* ضرائب عامة على الشعب.
* ضرائب على الصناعات.
* ضرائب على الأراضي.
* ضرائب على الماشية.
* ضرائب على المبيعات.
* ضرائب على أثاث المنازل.
* ضرائب على المارة من أجل عبور المصري من مكان إلى مكان.
* وتجاوزت الضرائب الأحياء - في سابقة تاريخية - إلى الأموات، فلم يكن يسمح بدفن الميت إلا بعد دفع ضريبة معينة (مثل ضريبة التركات، وكأنه لا يكفيهم مصيبة الموت).
- وفوق كل ذلك الضغط المادي كان التعذيب لأجل المخالفة في المعتقد الديني المذهبي، وإن كان الجميع -كما ذكرنا- تحت مظلة النصرانية الأرثوذكسية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] بسام العسلي: عمرو بن العاص، ص39، 40.
[2] عمر الإسكندري، وأ. ج. سفيدج: تاريخ مصر إلى الفتح العثماني ص135-137.
[3] المصدر السابق ص135، 136. وميلانو Milan: مدينة تقع شمال إيطاليا، وهي ثاني أكبر مدن إيطاليا بعد العاصمة روما، وتعد العاصمة الاقتصادية للبلاد.
التعليقات
إرسال تعليقك